يحدّد شكل الرّقص ومدته عند النّحل المسافة، واهتزازات البطن تحدد مدة الطيران، وسرعة الحركات تحدّد نسبة السّكر في الرّحيق، وتحدّد حركة الرأس ورسم الزّاوية الشّمسيّة الاتجاه. لذلك تعود المرشدة التي وفقت إلى ما تريد بفرح وسرور بشكل يسترعي الانتباه، فتتسلق أقراص الشّمع وعلى فمها نقطة صغيرة من اللجين الحلو البراق، فتتلقفها منها بعض العاملات، وتتداولها مع عاملات أخريات، وتندفع المرشدة فوق نحاريب الشّمع ترقص رقصًا غريبًا، ترسم به نصف دوائر صغيرة مرة إلى اليمين، ومرة على اليسار. عندما يكون الرحيق قريبًا من الخليّة، ترسم المرشدة دوائر صغيرة، واذا كان بعيدًا فتصبح دوائرها كبيرة نسبيًّا وتتخذ شكل 8 أو نصف دائرة إلى اليمين ونصف دائرة إلى اليسار. للمرشدة طريقتان لأداء رقصها، الطريقة الأولى إذا رقصت على سطح منبسط وأرادت أن تدل على مكان تكون الشّمس، في الذّهاب إليه، عن يسار العاملة، على زاوية ذات 40 درجة مثلًا، وهذه الزّاوية تكون قد رسخت في ذهنها أثناء الاستكشاف، فانها توجّه رأسها مباشرة نحو المكان المقصود، وترسم المستقيم فيكّون مع الشّمس زاوية ذات أربعين درجة، فإذا ذهبت العاملات متخذة الوضع نفسه، فإنّها تكون في الاتجاه الصحيح نحو المكان المقصود. تأخذ الشّمس دور البوصلة في حياة النّحل، وهذا الرقص لا يكون ممكنًا إلا إذا كانت الرّاقصة ترى الشّمس أو ترى فجوة من السماء مهما كانت ضيقة([19]). الطريقة الثانية هي الرّقص على صفحة قائمة كقرص الشّمع أو جدار الخليّة. في هذه الحال ترسم المرشدة الزاوية نفسها بالنسبة إلى خط عامودي وهمي تتصوره، أي أنها ترسم الزاوية الشمسية الموجودة بين الشمس والخلية وموقع الزهر، وتستعمل الرموز التالية المتعارف عليها عند النّحل. إذا رسمت المرشدة مستقيم نصفي الدائرة متجهاً نحو الأعلى، فإن ذلك يعني ان موطن الزهر موجود في اتجاه الشمس، وإذا كان نحو الأسفل فإنه يدل على اتجاه معاكس، وإذا رسمته ورأسها إلى الأعلى مكوِّنًا مع الخط الوهميّ زاوية ذات خمسين درجة إلى اليسار مثلًا، فإنّها تدل على أنّ موطن الزّهر يقع على خمسين درجة من يمين الشّمس بوضعها الحاليّ. وهكذا دواليك جميع الجهات والاتجاهات التي لا بدّ لها من أن تكون إمّا يمينًا أو يسارًا.
