saida Bouri saida Bouri

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

النّحل والعسل من النّاحية التّاريخيّة






 نشأت العلاقة بين الإنسان والنّحل منذ أقدم الأزمنة، عندما عرف الإنسان العسل، وأعجب بحلاوته ونكهته، وحاول نقل مساكن النّحل من تجاويف جذوع الأشجار ومن داخل الكهوف وشقوق الصخور إلى أوعية الطبخ الفخاريّة ثم إلى الأسطوانيّة المصنوعة من الطين ثم إلى السّلال. سجل الفراعنة في ما تركوا من آثار أقدم المعلومات عن النّحل والعسل، وكانوا أول من زاول النحّالة المرتحلة على زوارق في النّيل لنقل النّحل من موضع إلى آخر طلبًا لمصادر الرحيق، وتُظهر بعض نقوشهم كيفيّة استخراج العسل وتصفيته وخزنه وذلك في كتابات تعود إلى أكثر من ثلاثة آلاف سنة قبل المسيح.

ووُجد في بعض الآثار الفرعونيّة آنية فيها بقايا من عسل لم يفسد ولكن تغير لونه فقط إلى لون داكن، كما عُثر على ملاعق عليها آثار من العسل.

 يعود هذا الأمر إلى أنهم كانوا يعتقدون أنّه بعد الممات بأربعين يومًا، تعود الروح إلى الجسم فيحيا، فيضعون العسل للميت كي يأكله ويصبح من الخالدين. 

وقد جرت عادة الشبان المصريين القدماء المقدمين على الزواج بأن يقدّم الواحد منهم لعروسه قدرًا مملوءة بالعسل تعبيرًا منه على إخلاصه لها الذي يدوم إلى الأبد، وربما كان هذا السّبب في اطلاق اسم “شهر العسل” على أول شهر زواج.

وعرفت الشّعوب القديمة اليونانيّة والرومانيّة والهنديّة والصينيّة وغيرها مهنة النحّالة في أساليبها البدائيّة، وعرفوا أنّ العسل يمكن أن يستخدم في الغذاء والدّواء، وأكثروا من استعماله في الطقوس الدّينيّة والحفلات والأعراس وجعلوه رمزًا لطهارة الرّوح. وأشادت أساطير اليونان بالعسل ووصفته بأنه كنز الصحة وأنّه النّدى الذي تقطّره نجوم السّماء، وظنوا أن آلهتهم خالدة لأنّها أكلت عسل النّحل. 

وقد مدح الفيلسوف والطبيب اليونانيّ أرسطو طاليس رجل النّحل المُسمرّ بتأثير الشّمس، وبيّن أنّ العسل يملك خواص ذاتيّة فريدة من نوعها، وأنّه يقوّي الصّحة ويطوّل العمر، وهذا ما دفع فلاسفة اليونان إلى التفكير بإطالة أعمارهم بجعل العسل جزءًا دائمًا من غذائهم اليوميّ. 

وفي أور جنوب العراق وُجدت كتابات حول العسل على مسلة الملك حمورابيّ تبيّن كيف عالج البابليون الأمراض بالعسل :“18-19 إذا عينا رجل أصبحت ضعيفة وتحتوي دمع، تطحن “نبات أبيض” (و) عسل برّي في زيت (و) تطيّنـ(ـها) عليها. 

وفي العهد السّومري وُجدت كتابات عن النّحل على الألواح الطينيّة يزيد عمرها على أربعة آلاف سنة قبل المسيح تحمل وصفات استعمال العسل لعلاج التهابات الجلد والقروح. وتحكي أساطير الرومان أنهم عبدوا النّحلة ووصفوها في سجل آلهتهم باسم ( الآلهة ميللونيا)، كما تتحدث عن اعتناء نبلائهم بالنّحل ومفاخرتهم بامتلاك خلاياها، وكان من قبيل إكرام الضيف والاحتفاء به أن يُقدّم المضيف العسل للضيف من خلاياه الخاصة. وتقول إحدى أساطير الهند أنّ السّماء منحت الناس الحياة على شكل نحلة تقف على زهرة اللوتس، وهي تمثل الرّوح الذي يسكر من رحيق المعرفة. 

وأظهر الأوروبيون في القرون الوسطى تقديرهم للنحلة، وأشاعوا أنها تتمتع برعاية خاصة من العذراء مريم، وقالوا إنّها ( خادمة الآلهة) ونقشوا رسومها على أسلحة الباباوات وعلى الأردية الامبراطوريّة لعائلة نابوليون. وحظيت النّحلة باهتمام المسلمين وورد ذكرها في السورة 16 من القرآن الكريم وقد سُمّيت السورة بسورة النّحل. 

وهي أيضًا شعار المسيح بعسلها وشهدها، فهي ترمز إلى القيامة لأنّها تختفي في فصل الشّتاء، ولا تخرج من خليتها إلا بعد ثلاثة أشهر. النّحل لا يولّد، بل بفضل عمل شفاهها تصبح أمهات: هكذا يولد المسيح من فم الآب. وبحسب القديس برندوس، ترمز النّحلة إلى الرّوح القدس، وعند السلتيين ترمز إلى الحكمة وخلود النّفس، وفي بلدان الكلدان، النّحلة هي رمز ملوكي.


عن الكاتب

الكاتب

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

saida Bouri

ÇßæÏ ÝæÞ /body
تعريف الارتباط

نستخدم ملفات تعريف الارتباط لضمان حصولك على أفضل تجربة.